فصل: باب نظائر ما مضى من المعتل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكتاب **


  باب ما الزيادة فيه من حروف الزيادة

ولزمه التضعيف

اعلم أن كل كلمة ضوعف فيها حرف مما كانت عدته أربعةً فصاعداً فإن أحدهما زائد إلا

أن يتبين لك أنها عين أو لام فيكون من باب مددت‏.‏

وذلك نحو‏:‏ قرددٍ ومهدد وقعددٍ

وسوددٍ ورمددٍ وجبنٍّ وخدبٍّ وسلمٍ وخمرٍن ودنبٍ‏.‏

وكذلك جميع ما كان من هذا النحو‏.‏

فإن قلت‏:‏ لا أجعل إحداهما زائدة إلا باشتقاق منه ما لا تضعيف فيه أو أن يكون على مثالٍ

لا يكون عليه بنات الأربعة والخمسة - دخل عليك أن تقول‏:‏ القلف بمنزلة الهجرع وإن اللام

بمنزلة الراء والجيم وإن اللام في جلوزٍ بمنزلة الدال والراء في فردوسٍ وإن الباء في الجباء بمنزلة

الراء والطاء في قرطاس‏.‏

فإذا قلت هذا فقد قلت ما لا يقوله أحد‏.‏

فهذا المضاعف الزيادة منه

فيما ذكرت لك كالألف رابعةً فيما مضى‏.‏

وقد تدخل بين الحرفين الزيادة وذلك نحو‏:‏ شملالاٍ وزحليلٍ وبهلولٍ وعثوثلٍ وفرندادٍ

وعقنقل وخفيفدٍ‏.‏

فكما جعلت إحداهما زائدة وليس بينهما شيء كذلك جعلت إحداهما

زائدة وبينهما حرف‏.‏

وقد تبين لك أنهم يفعلون ذلك في شملال لأنهم يقولون‏:‏ طملٌّ وشملةٌ وفي شمليل وعقنقلٍ

وعثوثل لأنك تقول‏:‏ عثولٌّ‏.‏

فقد تبين لك بهذا أن التضعيف ههنا بمنزلته إذا لم يكن بينهما شيء

كما صار ما لم يفصل بينه بكثرة ما اشتق منه مما ليس فيه تضعيف بمنزلة ما فيه ألف رابعة‏.‏

وكذلك المضاعف في عدبس وقفعددٍ وجميع هذا النحو في التضعيف‏.‏

كما ضوعفت العين وحدها واللام وحدها

وذلك نحو‏:‏ ذرحرح وحلبلابٍ وصمحمحٍ وبرهرهةٍ وسرطراط‏.‏

يدلك على ذلك قولهم‏:‏

ذراحٌ فكما ضاعفوا الراء كذلك ضاعفوا الراء والحاء‏.‏

وقالوا الحلب وإنما يعنون الحلبلاب‏.‏

وكذلك على ذلك قولهم‏:‏ صمامح وبراره‏.‏

فلو كانت بمنزلة سفرجلٍ لم يكسروها للجمع ولم

يحذفوا منها لأنهم يكرهون أن يحذفوا ما هو من نفس الحرف‏.‏

ألا تراهم لم يفعلوا ذلك ببنات

الخمسة وفروا إلى غير ذلك حين أرادوا أن يجمعوا‏.‏

وقولهم سرطراطٌ دليلٌ لأنه ليس في الكلام

سفرجالٌ‏.‏

وأدخلوا الألف ههنا كما أدخلوها في حلبلابٍ‏.‏

وكذلك‏:‏ مرمريسٌ ضاعفوا الفاء والعين كما ضاعفوا العين واللام ألا ترى أن معناه معنى

المراسة‏.‏

فإذا رأيت الحرفين ضوعفا فاجعل اثنين منهما زائدين كما تجعل أحد الاثنين فيما ذكرت لك

زائداً‏.‏

ولا تكلفن أن تطلب ما اشتق منه بلا تضعيف فيه كما لا تكلفه في الأول الذي ضوعف

فيه الحرف‏.‏

  باب تمييز بنات الأربعة والخمسة

فأما جعفرٌ فمن بنات الأربعة لا زيادة فيه لأنه ليس شيء من أمهات الزوائد فيه ولا حروف

الزوائد التي تجعلها زوائد بثبت وإنما بنات الأربعة صنفٌ لا زيادة فيه كما أن بنات الثلاثة

صنفٌ لا زيادة فيه‏.‏

وأما سفرجلٌ فمن بنات الخمسة وهو صنفٌ من الكلام وهو الثالث وقصته كقصة جعفرٍ‏.‏

فالكلام لا زيادة فيه ولا حذف على هذه الأصناف الثلاثة‏.‏

فمن زعم أن الراء في جعفرٍ زائدة أو الفاء فهو ينبغي له أن يقول‏:‏ إنه فعلرٌ وفعفلٌن وينبغي له إن

جعل الأولى زائدة أن يقول جفعلٌ وإن جعل الثاني أو الثالث أن يقول فععلٌ وفعفلٌ‏.‏

وينبغي له

أن يقول في غلفقٍ فعلقٌ وإن جعل الأولى زائدة أن يقول غفعل لأنه يجعلهن كحروف الزوائد‏.‏

فكما تقول أفعل وفوعل وفعولٌ وفعلنٌ كذلك تقول هذا لأنه لابد لك من أن تجعل إحداهما

بمنزلة الألف والياء والواو‏.‏

وينبغي له أن يجعل الأخيرين في فرزدقٍ زائدين فيقول فعلدق‏.‏

فإذا

قال هذا النحو جعل الحروف غير الزوائد زوائد وقال ما لا يقوله أحد‏.‏

وينبغي له إن جعل

الأولين زائدين أن يكون عنده فرفعل‏.‏

وإن جعل الحرفين الزائدين الزاي والدال قال فعزدل‏.‏

فهذا

قبيح لا يقوله أحد‏.‏

ولا تقول فعللٌ ولا فعللٌ لأنك لم تضعف شيئاً وإنما يجوز هذا أن تجعله مثالاً‏.‏

من مواضع الحروف غير الزوائد

سألت الخليل فقلت‏:‏ سلمٌ أيتهما الزائدة فقال‏:‏ الأولى هي الزائدة لأن الواو والياء والألف

يقعن ثواني في فوعل وفاعل وفيعل‏.‏

وقال في فعلل وفعلٍّ ونحوهما‏:‏ الأولى هي الزائدة لأن الواو والياء والألف يقعن ثوالث نحو‏:‏

جدولٍ وعثيرٍ وشمال‏.‏

وكذلك‏:‏ عدبسٌ ونحوه جعل الأولى بمنزلة واو فدوكسٍ وياء عميثلٍ‏.‏

وكذلك‏:‏ قفعددٌ جعل

الأولى بمنزلة واو كنهورٍ‏.‏

وأما غيره فجعل الزوائد هي الأواخر وجعل الثالثة في سلم وأخواتها هي الزائدة لأن الواو تقع

ثالثة في جدولٍ والياء في عثيرٍ‏.‏

وجعل الآخرة في مهدد ونحوه بمنزلة الألف في معزىً وتترىً

وجعل الآخرة في خدبٍّ بمنزلة النون في خلفنةٍ وجعل الآخرة في عدبسٍ بمنزلة الواو في كنهور

وبلهور‏.‏

وجعل الآخرة في قرشبٍ بمنزلة الواو في قندأوٍ وجعل الخليل الأولى بمنزلة الواو في فردوسٍ‏.‏

وكلا الوجهين صوابٌ ومذهب‏.‏

وأما الهمقع والزملق فبمنزلة العدبس إحدى الميمين زائدة في قول الخليل وغيره سواءٌ‏.‏

وأما الهمرش فإنما هي بمنزلة القهبلس فالأولى نون يعني إحدى الميمين نون ملحقة بقهبلس

لأنك لا تجد في بنات الأربعة على مثال فعللٍ‏.‏

وأما الهمقع فلا تجعل الأولى نوناً لأنا لم نجد في بنات الخمسة على سفرجلٍ فتقول‏:‏ الأولى نون

لأنه ليس في بنات الخمسة على مثال فعلللٍ‏.‏

فلما لم يكن ذلك في الخمسة جعلنا الأولى ميماً على

حالها حتى يجيء ما يخرجها من ذلك ويبين أنها غير ميم‏.‏

كما أنك لا تجعل الأولى في غطمشٍ

نوناً غلا بثبت فكذلك هذه فهي عندنا بمنزلة دبخسٍ في بنات الأربعة‏.‏

يقول‏:‏ لما لم يكن في بنات الخمسة على مثال سفرجلٍ لم تكن الأولى من الميمين اللتين في همقع

نوناً فتكون ملحقة بهذا البناء لأنه ليس في الكلام ولكنا نقول‏:‏ هي ميم مضعفة لأن العين

وحدها لا تلحق بناء ببناء‏.‏

ولا ينكر تضعيف العين في بنات الثلاثة والأربعة والخمسة‏.‏

  باب نظائر ما مضى من المعتل

وما اختص به من البناء دون ما مضى والهمزة والتضعيف

  هذا باب ما كانت الواو فيه أولاً وكانت فاء

وذلك نحو‏:‏ وعد يعد ووجل يوجل‏.‏

وقد تبين وجه يفعل فيهما فيما مضى وتركنا أشياء

ههنا لأنه قد تبين اعتلاله فيما مضى وإعرابه‏.‏

اعلم أن هذه الواو إذا كانت مضمومة فأنت بالخيار إن شئت تركتها على حالها وإن شئت

أبدلت الهمزة مكانها وذلك نحو قولهم في ولد‏:‏ ألد وفي وجوهٍ‏:‏ أجوهٌ‏.‏

وإنما كرهوا الواو حيث صارت فيها ضمةٌ كما يكرهون الواوين فيهمزون نحو قؤولٍ ومؤونة‏.‏

وأما الذين لم يهمزوا فإنهم تركوا الحرف على أصله كما يقولن قوولٌ فلا يهمزون ومع ذلك أن

هذه الواو ضعيفة تحذف وتبدل فأرادوا أن يضعوا مكانها حرفاً أجلد منها‏.‏

ولما كانوا يبدلونها

وهي مفتوحة في مثل وناةٍ وأناةٍ كانوا في هذا أجدر أن يبدلوا حيث دخله ما يستثقلون فصار

الإبدال فيه مطرداً حيث كان البدل يدخل فيما هو أخف منه‏.‏

وقالوا‏:‏ وجم وأجم ووناةٌ وأناةٌ‏.‏

وقالوا أحدٌ وأصله وحدٌ لأنه واحد فأبدلوا الهمزة لضعف

الواو عوضاً لما يدخلها من الحذف والبدل‏.‏

وليس ذلك مطرداً في المفتوحة ولكن ناساً كثيراً

يجرون الواو إذا كانت مكسورة مجرى المضمومة فيهمزون الواو المكسورة إذا كانت أولاً

كرهوا الكسرة فيها كما استثقل في ييجل وسيدٍ وأشباه ذلك‏.‏

فمن ذلك قولهم‏:‏ إسادةٌ وإعاءٌ‏.‏

وسمعناهم ينشدون البيت لابن مقبل‏:‏

إلا الإفادة فاستولت ركائبنا عند الجبابير بالبأساء والنعم

وربما أبدلوا التاء مكان الواو في نحو ما ذكرت لك إذا كانت أولاً مضمومة لأن التاء من

حروف الزيادة والبدل كما أن الهمزة كذلك‏.‏

وليس إبدال التاء في هذا بمطرد‏.‏

فمن ذلك قولهم‏:‏ تراثٌ وإنما هي من ورث كما أن أناةً من

ونيت لأن المرأة تعل كسولاً‏.‏

كما أن أحداًُ من واحدٍ وأجم من وجم حيث قالوا‏:‏ أجم

كذلك لأنهم قد أبدلوا الهمزة مكان الواو المفتوحة والمكسورة أولاً‏.‏

ومن ذلك التخمة لأنها من الوخامة‏.‏

والتكأة لأنها من توكأت‏.‏

والتكلان لأنها من توكلت‏.‏

والتجاه لأنها من واجهت‏.‏

وقد دخلت على المفتوحة كما دخلت الهمزة عليها وذلك قولهم‏:‏ تيقورٌ‏.‏

وزعم الخليل أنها من

فإن يكن أمسى البلى تيقوري

أراد‏:‏ فإن يكن أمسى البلى وقاري‏.‏

وهو فيعولٌ‏.‏

وإذا التقت الواوان أولاً أبدلت الأولى همزة ولا يكون فيها إلا ذلك لأنهم لما استثقلوا التي فيها

الضمة فأبدلوا وكان ذلك مطرداً إن شئت أبدلت وإن شئت لم تبدل لم يجعلوا في الواوين إلا

البدل لأنهما أثقل من الواو والضمة‏.‏

فكما اطرد البدل في المضوم كذلك لزم البدل في هذا‏.‏

وربما أبدلوا التاء إذا التقت الواوان كما أبدلوا التاء فيما مضى‏.‏

وليس ذلك بمطرد ولم يكثر

في هذا كما كثر في المضموم لأن الواو مفتوحة فشبهت بواو وحدٍ‏.‏

فكما قلت في هذه الواو

وكانت قد تبدل منها كذلك قلت في هذه الواو‏.‏

وذلك قولهم‏:‏ تولجٌ‏.‏

زعم الخليل أنها فوعل

فأبدلوا التاء مكان الواو وجعل فوعلاً أولى بها من تفعلٍ لأنك لا تكاد تجد في الكلام تفعلاً

اسماًن وفوعلٌ كثير‏.‏

ومنهم من يقول‏:‏ دولج يريد تولجٌ وهو المكان الذي تلج فيه‏.‏

وسألت الخليل عن فعلٍ من وأيت فقال‏:‏ وؤىٌ كما ترى‏.‏

فسأته عنها فيمن خفف الهمز فقال‏:‏

أويٌ كما ترى فأبدل من الواو همزة فقال‏:‏ لابد من الهمزة لأنه لا يلتقي واوان في أول الحرف‏.‏

فأما قصة الياء والواو فستبين في موضعها إن شاء الله‏.‏

وكذلك هي من وألت‏.‏

من هذه الواوات التي تكون في موضع الفاء

وذلك في الافتعال وذلك قولك‏:‏ متقدٌ ومتعدٌ واتعد واتقد واتهموا في الاتعاد والاتقاد من

قبل أن هذه الواو تضعف ههنا فتبدل إذا كان قبلها كسرة وتقع بعد مضموم وتقع بعد الياء‏.‏

فلما كانت هذه الأشياء تكنفها مع الضعف الذي ذكرت لك صارت بمنزلة الواو في أول الكلمة

وبعدها واوٌ في لزوم البدل لما اجتمع فيها فأبدلوا حرفاً أجلد منها لا يزول‏.‏

وهذا كان أخف

عليهم‏.‏

وأما ناسٌ من العرب فإنهم جعلوها بمنزلة واو قال فجعلوها تابعة حيث كانت ساكنة كسكونها

وكانت معتلةً فقالوا‏:‏ إيتعد كما قالوا قيل وقالوا‏:‏ ياتعد كما قالوا قال‏.‏

وقالوا‏:‏ موتعدٌ كما

قالوا قول‏.‏

وقد أبدلت في أفعلت وذلك قليل غير مطرد من قبل أن الواو فيها ليس يكون قبلها كسرة

تحولها في جميع تصرفها فهي أقوى من افتعل‏.‏

فمن ذلك قولهم‏:‏ أتخمه وضربه حتى أتكأه

وأتلجه يريد أولجه وأتهم لأنه من التوهم ودعاهم إلى ذلك ما دعاهم إليه في تيقور لأنها تلك

الواو التي تضعف فأبدلوا أجلد منها ومع هذا أنها تقع في يفعل ويفعل بعد ضمة‏.‏

فأما التقية فبمنزلة التيقور وهو أتقاهما في كذلك والتقى كذلك‏.‏

وذلك إذا سكنت وقبلها كسرة

فمن ذلك قولهم‏:‏ الميزان والميعاد وإنما كرهوا ذلك كما كرهوا الواو مع الياء في ليةٍ وسيدٍ

ونحوهما وكما يكرهون الضمة بعد الكسرة حتى إنه ليس في الكلام أن يكسرا أول حرف

ويضموا الثاني نحو فعل ولا يكون ذلك لازماً في غير الأول أيضاً إلا أن يدركه الإعراب نحو

قولك‏:‏ فخذٌ كما ترى وأشباهه‏.‏

وترك الواو في موزانٍ أثقل من قبل أنه ساكن فليس يحجزه عن الكسر شيءٌ‏.‏

ألا ترى أنك إذا

قلت وتدٌ قوي البيان للحركة فإذا أسكنت التاء لم يكن إلا الإدغام لأنه ليس بينهما حاجزٌ

فالواو والياء بمنزلة الحروف التي تداني في المخارج لكثرة استعمالهم إياهما وأنهما لا تخلو

الحروف منهما ومن الألف أو بعضهن فكان العمل من وجهٍ واحد أخف عليهم كما أن رفع

اللسان من موضع واحد أخف عليهم في الإدغام وكما أنهم إذا أدنوا الحرف من الحرف كان

أخف عليهم نحو قولهم‏:‏ ازدان واصطبر فهذه قصة الواو والياء‏.‏

فإذا كانتا ساكنتين وقبلهما فتحةٌ مثل موعدٍ وموقفٍ لم تقلب ألفاً لخفة الفتحة والألف عليهم‏.‏

ألا تراهم يفرون إليها‏.‏

وقد بين من ذلك أشياءٌ فيما مضى وستبين فيما يستقبل إن شاء الله‏.‏

وتحذفان في مواضع وتثبت الألف‏.‏

وإنما خفت الألف هذه الخفة لأنه ليس منها علاج على

اللسان والشفة ولا تحرك أبداً فإنما هي بمنزلة النفس فمن ثم لم تثقل ثقل الواو عليهم ولا الياء

لما ذكرت لك من خفة مؤنها‏.‏

وإذا قلت مودٌّ ثبتت الواو لأنها تحركت فقويت ولم تقو الكسرة قوة الياء في ميت ونحوها‏.‏

وتقول في فوعلٍ من وعدت‏:‏ أوعدٌ لأنهما واوان التقتا في أول الكلمة‏.‏

وتقول في فيعولٍ‏:‏ ويعودٌ لأنه لم يلتق واوان ولم تغيرها الياء لأنها متحركة وإنما هي بمنزلة واو

ويح وويل‏.‏

وتقول في أفعولٍ‏:‏ أوعود ويفعولٍ‏:‏ يوعودٌ ولا تغير الواو كما لا تغي يومٌ‏.‏

وسنبين لم كان ذلك

فيما يلتقي من الواوات والياءات إن شاء الله‏.‏

وتقول في تفعلةٍ من وعدت ويفعلٍ إذا كانا اسمين ولم يكونا من الفعل‏:‏ توعدةٌ ويوعدٌ كما تقول

في الموضع والموركة‏.‏

فإنما الياء والتاء بمنزلة هذه الميم ولم تذهب الواو كما ذهبت من الفعل

ولم تحذف من موعدٍ لأنه ليس فيه من العلة ما في يعد ولأنها اسم‏.‏

ويدلك على أن الواو تثبت

قولهم‏:‏ توديةٌ وتوسعةٌ وتوصيةٌ‏.‏

فأما فعلةٌ إذا كانت مصدراً فإنهم يحذفون الواو منها كما يحذفونها من فعلها لأن الكسرة

يستثقل في الواو فاطرد ذلك في المصدر وشبه بالفعل إذ كان الفعل تذهب الواو منه وإذ

كانت المصادر تضارع الفعل كثيراً في قيلك‏:‏ سقياً وأشباه ذلك‏.‏

فإذا لم تكن الهاء فلا حذف لأنه ليس عوض‏.‏

وقد أتموا فقالوا‏:‏ وجهةٌ في جهة‏.‏

وإنما فعلوا

ذلك بها مكسورة كما يفعل بها في الفعل وبعدها الكسرة فبذلك شبهت‏.‏

فأما في الأسماء فتثبت قالوا‏:‏ ولدةٌ وقالوا‏:‏ لدةٌ كما حذفوا عدةً‏.‏

وإنما جاز فيما كان من المصادر مكسور الواو إذا كان فعلةً لأنه بعدد يفعل ووزنه فيلقون

حركة الفاء على العين كما يفعلون ذلك في الهمزة إذا حذفت بعد ساكن‏.‏

فإن بنيت اسماً من وعد على فعلةٍ‏:‏ قلت وعدةٌن وإن بنيت مصدراً قلت عدةٌ‏.‏

  باب ما كانت الياء فيه أولاً وكانت فاءً

وذلك نحو قولهم‏:‏ يسر ييسير ويئس ييئس ويعر ييعر ويل ييل من الأيل في الأسنان وهو انثناء

الأسنان إلى داخل الفم‏.‏

وقد بينا يفعل منه وأشياء فيما مضى فنترك ذكرها ههنا لأنها قد

بينت‏.‏

واعلم أن هذه الياء إذا ضمت لم يفعل بها ما يفعل بالواو لأنها كياء بعدها واوٌ نحو‏:‏ حيودٍ

ويومٍ وأشباه ذلك وذاك لأن الياء أخف من الواو عندهم‏.‏

ألا تراها أغلب على الواو من الواو

عليها وهي أشبه بالألف فكأنها واو قبلها ألف نحو‏:‏ عاود وطاول وذلك قولهم‏:‏ يئس

ويبس‏.‏

يدلك على أن الياء أخف عليهم من الواو أنهم يقولون‏:‏ ييئس وييبس فلا يحذفون موضع الفاء

كما حذفوا يعد‏.‏

وكذلك فواعل تقول‏:‏ يوابس‏.‏

فإن أسكنتها وقبلها ضمةٌ قلبتها واواً كما قلبت الواو ياء في ميزان وذلك نحو‏:‏ موقنٍ وموسرٍ

وموئسٍ وموبسٍن ويا زيد وإس وقد قال بعضهم‏:‏ يا زيد يئس شبهها بقيل‏.‏

وزعموا أن أبا عمرٍو قرأ‏:‏ يا صالحيتنا جعل الهمزة ياءً ثم لم يقلبها واواً‏.‏

ولم يقولوا هذا في الحرف الذي ليس منفصلاً‏.‏

وهذه لغة ضعيفة لأن قياس هذا أن تقول‏:‏ يا

غلا موجل‏.‏

والياء توافق الواو في افتعل في أنك تقلب الياء تاء في افتعل من اليبس تقول‏:‏ اتبس ومتبسٌ

ويتبس لأنها قد تقلب تاء ولأنها قد تضعف ههنا فتقلب واواً لو جاءوا بها على الأصل في

مفتعلٍ وافتعل وهي في موضع الواو وهي أختها في الاعتلال فأبدلوا مكانها حرفاً هو أجلد

منها حيث كانت فاء وكانت أختها فيما ذكرت لك فشبهوها بها‏.‏

وقد قالوا‏:‏ يا تئس ويا تبس فجعلوها بمنزلتها إذ صارت بمنزلتها في التاء فليست تطرد العلة

إلا فيما ذكرت لك إلا أن يشذ حرف قالوا‏:‏ يبس يابس كما قالوا يئس يئس فشبهوها

بيعد‏.‏

  باب ما الياء والواو فيه ثانية

وهما في موضع العين منه

اعلم أن فعلت وفعلت وفعلت منهما معتلة كما تعتل ياء يرمي وواو يغزو‏.‏

وإنما كان هذا

الاعتلال في الياء والواو لكثرة ما ذكرت لك من استعمالهم إياهما وكثرة دخولهما في الكلام وأنه

ليس يعرى منهما ومن الألف أو من بعضهن‏.‏

فلما اعتلت هذه الأحرف جعلت الحركة التي في

العين مخولة على الفاء وكرهوا أن يقروا حركة الأصل حيث اعتلت العين كما أن يفعل من

غزوت لا تكون حركة عينه إلا من الواو وكما أن يفعل من رميت لا تكون حركة عينه إلا من

الياء حيث اعتلت فكذلك هذه الحروف حيث اعتلت جعلت حركتهن على ما قبلهن كما

جعلت من الواو والياء حركة ما قبلها لئلا تكون في الاعتلال على حالها إذا لم تعتل‏.‏

ألا ترى

أنك تقول‏:‏ خفت وهبت فعلت فألقوا حركتها على الياء وأذهبوا حركة الفاء فجعلوا حركتها

الحركة التي كانت في المعتل الذي بعدها كما لزم ما ذكرت لك الحركة مما بعده لئلا يجري المعتل

على حال الصحيح‏.‏

وأما قلت فأصلها فعلت معتلة من فعلت وإنما حولت إلى فعلت ليغيروا حركة الفاء عن

حالها لو لم تعتل فلو لم يحولوها وجعلوها تعتل من قولت لكانت الفاء إذا هي ألقي عليها

حركة العين غير متغيرة عن حالها لو لم تعتل فلذلك حولوها إلى فعلت فجعلت معتلة منها‏.‏

وكانت فعلت أولى بفعلت من الواو من فعلت لأنهم حيث جعلوها معتلة محولة الحركة جعلوا ما

حركته منه أولى به كما أن يغزو حيث اعتل لزمه يفعل وجعل حركة ما قبل الواو من الواو

فكذلك جعلت حركة هذا الحرف منه‏.‏

ويدلك على أن أصله فعلت إنه ليس في الكلام فعلته‏.‏

ونظيره في الاعتلال من محول إليه‏:‏ يعد

ويزن‏.‏

وقد بين ذلك‏.‏

فأما طلت فإنها فعلت لأنك تقول طويل وطوال كما قلت قبح وقبيح ولا يكون طلته كما لا

يكون فعلته في شيء واعتلت كما اعتلت خفت وهبت‏.‏

وأما بعت فإنها معتلة من فعلت تفعل ولو لم يحولوها إلى فعلت لكان حال الفاء كحال قلت

وجعلوا فعلث أولى بها كما أن يفعل من رميت حيث كانت حركة العين محولة من يفعل ويفعل

وكذلك زدت كانت الكسرة أولى بها كما كانت الضمة أولى بالواو في قلت‏.‏

وليس في بنات الياء فعلت كما أنه ليس في باب رميت فعلت وذلك لأن الياء أخف عليهم من الواو وأكثر تحويلاً للواو من الواو لها وكرهوا أن ينقلوا الخفيف إلى ما يستثقلون‏.‏

ودخلت فعلت على بنات الواو كما دخلت في باب غزوت في قوله شقيت وغبيت لأنها نقلت من الأثقل إلى الأخف ولو قلت فعلت في الياء لكنت مخرجاً الأخف إلى الأثقل ولو قلت في باب زدت فعلت فقلت‏:‏ زدت تزود كما أنك لو قلتها من رميت لكانت رمو يرمو فتضم

الزاي كما كسرت الخاء في خفت‏.‏

وتقول‏:‏ تزوج كما تقول‏:‏ موقن لأنها ساكنة قبلها ضمة‏.‏

وقالوا‏:‏ وجد يجد ولم يقولوا في يفعل يوجد وهو القياس ليعلموا أن أصله يجد‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ طلته مثل قلته وهو فعلت منقولة إلى فعلت فعدى علت ولو كانت فعلت لم

تتعد‏.‏

وإذا قلت يفعل من قلت قلت يقول لأنه إذا قال فعل فقد لزمه يفعل‏.‏

وإذا قلت يفعل من بعت قلت يبيع ألزموه يفعل حيث كان محولاً من فعلت ليجري مجرى ما

حول إلى فعلت وصار يفعل لهذا لازماً إذ كان في كلامهم فعل يفعل في غير المعتل فكما

وافقه في تغيير الفاء كذلك وافقه في يفعل‏.‏

وأما يفعل من خفت وهبت‏.‏

فإنه يخاف ويهاب لأن فعل يلزمه يفعل وإنما خالفتا يزيد ويبيع

لأنهما لم تعتلا محولتين وإنما اعتلتا من بنائهما الذي هو لهما في الأصل فكما اعتلتا في فعلت

من البناء الذي هو لهما في الأصل كذلك اعتلتا في يفعل منه‏.‏

وإذا قلت فعل من هذه الأشياء كسرت الفاء وحولت عليها حركة العين كما فعلت ذلك في

فعلت لتغير حركة الأصل لو لم تعتل كما كسرت الفاء حيث كانت العين منكسرة للاعتلال‏.‏

وذلك قولك‏:‏ خيف وبيع وهب وقيل‏.‏

وبعض العرب يقول‏:‏ خيف وبيع وقيل فيشم إرادة أن

يبين أنها فعل‏.‏

وبعض من يضم يقول‏:‏ بوع وقول وخوف وهوب يتبع الياء ما قبلها كما قال

موقن‏.‏

وهذه اللغات دواخل على قيل وبيع وخيف وهيب والأصل الكسر كما يكسر في فعلت‏.‏

فإذا قلت فعل صارت العين تابعة وذلك قولك‏:‏ باع وخاف وهاب وقال‏.‏

ولو لم تجعل

تابعةً لالتبس فعل من باع وخاف وهاب بفعل فأتبعوهن قال حيث أتبعوا العين الفاء في

أخواتهن ليستوين وكرهوا أن يساوي فعل في حالٍ إذ كان بعضهم يقول‏:‏ قد قول ذاك‏.‏

فاجتمع

فيها هذا وأنهم شبهوها بأخواتها حيث أتبعوا العين فيهن ما قبلهن‏.‏

فكما اتفقن في التغيير كذلك

اتفقن في الإلحاق‏.‏

وحدثنا أبو الخطاب أن ناساً من العرب يقولون‏:‏ كيد زيد يفعل وما زيل زيد يفعل ذاك

يريدون‏:‏ زال وكاد لأنهم كسروها في فعل كما كسروها في فعلت حيث أسكنوا العين وحولوا

الحركة على ما قبلها ولم يرجعوا حركة الفاء إلى الأصل كما قالوا‏:‏ خاف وقال وباع

وهاب‏.‏

فهؤلاء الحركات مردودةٌ إلى الأصل وما بعدهن توابع لهن كما يتبعن إذا أسكن الكسرة والضمة

في قولهم‏:‏ قد قيل وقد قول‏.‏

فإذا قلت فعلت أو فعلن أو فعلنا من هذه الأشياء ففيها لغات‏:‏

أما من قال قد بيع وزين وهيب وخيف فإنه يقول‏:‏ خفنا وبعنا وخفن وبعن وهبت يدع

الكسرة على حالها ويحذف الياء لأنه التقى ساكنان‏.‏

وأما من ضم بإشمامٍ إذا قال فعل فإنه يقول‏:‏ قد بعنا وقد رعن وقد زدت‏.‏

وكذلك جميع

هذا يميل الفاء ليعلم أن الياء قد حذفت فيضم وأمال كما ضموا وبعدها الياء لأنه أبين لفعل‏.‏

وأما الذين يقولون بوع وقول وخوف وهوب فإنهم يقولون بعنا وخفنا وهبنا وزدنا لا يزيدون

على الضم والحذف كما لم يزد الذين قالوا رعن وبعن على الكسر والحذف‏.‏

وأما مت تموت فإنما اعتلت من فعل يفعل ولم تحول كما يحول قلت وزدت‏.‏

ونظيرها من

وكذلك كدت تكاد اعتلت من فعل يفعل وهي نظيرة مت في أنها شاذة‏.‏

ولم يجيئا على ما

كثر واطرد من فعل وفعل‏.‏

وأما ليس فإنها مسكنة من نحو قوله‏:‏ صيد كما قالوا علم ذاك في علم ذاك فلم يجعلوا

اعتلالها إلا لزوم الإسكان إذ كثرت في كلامهم ولم يغيروا حركة الفاء وإنما فعلوا ذلك بها

حيث لم تكن فيها يفعل وفيما مضى من الفعل نحو قولك‏:‏ قد كان ثم ذهب ولا يكون منها

فاعلٌ ولا مصدر ولا اشتقاق فلما لم تصرف تصرف إخواتها جعلت بمنزلة ما ليس من الفعل

نحو ليت لأنها ضارعتها ففعل بها ما فعل بما هو بمنزلة الفعل وليس منه‏.‏

وأما قولهم‏:‏ عور يعور وحول يحول وصيد يصيد فإنما جاءوا بهن على الأصل لأنه في معنى

ما لا بد له من أن يخرج على الأصل نحو‏:‏ اعوررت واحوللت وابيضضت واسوددت فلما

كن في معنى ما لا بد له من أن يخرج على الأصل لكون ما قبله تحركن‏.‏

فلو لم تكن في هذا

المعنى اعتلت ولكنها بنيت على الأصل إذ كان الأمر على هذا‏.‏

ومثل ذلك قولهم‏:‏ اجتوروا واعتونوا حيث كان معناه معنى ما الواو فيه متحركة ولا تعتل

فيه وذلك قولهم‏:‏ تعاونوا وتجاوروا‏.‏

وأما طاح يطيح وتاه يتيه فزعم الخليل أنهما فعل يفعل بمنزلة حسب يحسب‏.‏

وهي من الواو

ويدلك على ذلك طوحت وتوهت وهو أطوح منه وأتوه منه فإنما هي فعل يفعل من الواو كما

كانت منه فعل يفعل‏.‏

ومن فعل يفعل اعتلتا ومن قال طيحت وتيهت فقد جاء بها على باع يبيع

مستقيمةً‏.‏

وإنما دعاهم إلى هذا الاعتلال ما ذكرت لك من كثرة هذين الحرفين فلو لم يفعلوا

ذلك وجاء على الأصل أدخلت الضمة على الياء والواو والكسرة عليهما في فعلت وفعلت

ويفعل ويفعل ففرا من أن يكثر هذا في كلامهم مع كثرة الياء والواو فكان الحذف والإسكان

أخف عليهم‏.‏

ومن العرب من يقول‏:‏ ما أتيهه وتيهت وطيحت‏.‏

وقال‏:‏ آن يئين فهو فعل يفعل من الأوان

وهو الحين‏.‏

  باب ما لحقته الزوائد

من هذه الأفعال المعتلة من بنات الثلاثة

فإذا كان الحرف الذي قبل الحرف المعتل ساكناً في الأصل ولم يكن ألفاً ولا واواً ولا ياءً فإنك

تسكن المعتل وتحول حركته على الساكن‏.‏

وذلك مطرد في كلامهم‏.‏

وإنما دعاهم إلى ذلك أنهم أرادوا أن تعتل وما قبلها إذا لحق لحرف الزيادة كما اعتل ولا زيادة

فيه‏.‏

ولم يجعلوه معتلاً من محول إليه كراهية أن يحول إلى ما ليس من كلامهم‏.‏

ولو كان يخرج

إلى ما هو من كلامهم لاستغنى بذا لأن ما قبل المعتل قد تغير عن حله في الأصل كتغير قلت

ونحوه وذلك‏:‏ أجاد وأقال وأبان وأخاف واستراث واستعاذ‏.‏

ولا يعتل في فاعلت لأنهم لو أسكنوا حذفوا الألف والواو والياء في فاعلت وصار الحرف على

لفظ ما لا زيادة فيه من باب قلت وبعت فكرهوا هذا الإجحاف بالحرف والالتباس‏.‏

وكذلك تفاعلت لأنك لو أسكنت الواو والياء حذفت الحرفين‏.‏

وكذلك فعلت وتفعلت وذلك قولهم‏:‏ قاولت وتقاولنا وعوذت وتعوذت وزيلت وزايلت

وبايعت وتبايعنا وزينت وتزينت‏.‏

وفي تفاعلت وتفعلت مع ما ذكرت أنه لم يكن ليعتل كما لم يعتل فاعلت وقعلت لأن التاء

زيدت عليهما‏.‏

وقد جاءت حروفٌ على الأصل غير معتلة مما أسكن ما قبله فيما ذكرت لك قبل هذا شبهوه

بفاعلت إذ كان ما قبله ساكناً كما يسكن ما قبل واو فاعلت‏.‏

وليس هذا بمطرد كما أن بدل التاء في باب أولجت ليس بمطرد وذلك نحو قولهم‏:‏ أجودت وأطولت واستحوذ واستروح

وأطيب وأخيلت وأغيلت وأغيمت واستغيل فكل هذا فيه اللغة المطردة إلا أنا لم نسمعهم

قالوا إلا استروح إليه وأغيلت واستحوذ بينوا في هذه الأحرف كما بينوا في فاعلت فجعلوها

بمنزلتها في أنها لا تتغير كما جعلوها بمنزلتها حيث أحيوها فيما تعتل فيه نحو‏:‏ اجتوروا إذ

توهموا تفاعلوا‏.‏

ولو قال لك قائل‏:‏ ابن لي من الجوار افتعلوا لقلت فيها اجتاروا إلا أن يقول ابنه على معنى

تفاعلوا فتقول‏:‏ اجتوروا وكذلك اجتوزوا ولا ينكر أن يجعلوها معتلة في هذا الذي استثنينا

لأن الاعتلال هو الكثير المطرد‏.‏

وإذا كان الحرف قبل المعتل متحر كما في الأصل لم يغير ولم يعتل الحرف من محول إليه

كراهية أن يحول إلى ما ليس من كلامهم‏.‏

وذلك نحو‏:‏ اختار واعتاد وانقاس‏.‏

جعلوها تابعة

حيث اعتلت وأسكنت كما جعلوها في قال وباع لأنهم لم يغيروا حركة الأصل كما لم يغيروها

في قال وباع وجعلوا هذه الأحرف معتلة كما اعتلت ولا زيادة فيها‏.‏

وإذا قلت أفتعل وأنفعل قلت‏:‏ أختيروا وأنقيد فتعتل من أفتعل فتحول الكسرة على التاء كما

قلت ذلك في قيل فتجري تيروقيد مجرى قيل وبيع في كل شيء‏.‏

وأما قولهم‏:‏ اجتوروا واعتونوا وازدوجوا واعتوروا فزعم الخليل أنها إنما تثبت لأن هذه

الأحرف في معنى تفاعلوا‏.‏

ألا ترى أنك تقول‏:‏ تعاونوا وتجاوروا وتزاوجوا‏.‏

فالمعنى في هذا

وتفاعلوا سواء‏.‏

فلما كان معناها معنى ما تلزمه الواو على الأصل أثبتوا الواو كما قالوا عور إذ

كان في معنى فعلٍ يصح على الأصل‏.‏

وكذلك‏:‏ احتوشوا واهتوشوا وإن لم يقولوا تفاعلوا

فيستعملوه لأنه قد يشرك في هذا المعنى ما يصح كما قالوا صيد لأنه قد يشركه ما يصح

والمعنى واحد‏.‏

فهما يعتوران باب افعل في هذا النحو كسود واسوددت وثولت واثوللت

وابيضضت‏.‏

فإذا لم تعتل الواو في هذا ولا الياء نحو عورت وصيدت فإن الواو والياء لا تعتلان إذا لحق

الأفعال الزيادة وتصرفت لأن الواو بمنزلة واو شويت والياء بمنزلة ياء حييت ألا ترى أنك تقول‏:‏

ألا أعور الله عينه‏:‏ إذا أردت أفعلت من عورت وأصيد الله بعيره‏.‏

  باب ما اعتل من أسماء الأفعال

المعتلة على اعتلالها

اعلم أن فاعلاً منها مهموز العين‏.‏

وذلك أنهم يكرهون أن يجيء على الأصل مجيء ما لا يعتل

فعل منه ولم يصلوا إلى الإسكان مع الألف وكرهوا الإسكان والحذف فيه فيلتبس بغيره

فهمزوا هذه الواو والياء إذ كانتا معتلتين وكانتا بعد الألفات كما أبدلوا الهمزة من ياء قضاءٍ

ويعتل مفعولٌ منهما كما اعتل فعل لأن الاسم على فعل مفعولٌ كما أن الاسم على فعل فاعلٌ‏.‏

فتقول‏:‏ مزورٌ ومصوغٌ وإنما كان الأصل مزوورٌ فأسكنوا الواو الأولى كما أسكنوا في يفعل

وفعل وحذفت واو مفعولٍ لأنه لا يلتقي ساكنان‏.‏

وتقول في الياء‏:‏ مبيعٌ ومهيبٌ أسكنت العين وأذهبت واو مفعولٍ لأنه لا يلتقي ساكنان

وجعلت الفاء تابعةً للياء حين أسكنتها كما جعلتها تابعة في بيضٍن وكان ذلك أخف عليهم من

الواو والضمة فلم يجعلوها تابعةً للضمة فصار هذا الوجه عندهم إذ كان من كلامهم أن يقلبوا

الواو ياء ولا يتبعوها الضمة فراراً من الضمة والواو إلى الياء لشبهها بالألف وذلك قولهم‏:‏

مشوبٌ ومشيبٌ وغارٌ منول ومنيل وملومٌ مليمٌ وفي حور‏:‏ حير‏.‏

وبعض العرب يخرجه على الأصل فيقول‏:‏ مخيوط ومبيوعٌ فشبهوها بصيودٍ وغيوريٍ حيث

كان بعدها حرف ساكن ولم تكن بعد الألف فهمز‏.‏

ولا نعلمهم أتموا في الواوات لأن الواوات أثقل عليهن من الياءات ومنها يقرون إلى الياء فكرهوا

اجتماعهما مع الضمة‏.‏

ويجري مفعلٌ مجرى يفعل فيهما فتعتل كما اعتل فعلهما الذي على مثالهما وزيادته في موضع

زيادتها فيجري مجرى يفعل في الاعتلال كما قالوا‏:‏ مخافةٌ فأجروها مجرى يخاف ويهاب

فكذلك اعتل هذا لأنهم لم يجاوزوا ذلك المثال المعتل إلا أنهم وضعوا ميماً مكان ياء وذلك

قولهم‏:‏ مقامٌ ومقالٌ ومثابةٌ ومنارةٌ فصار دخول الميم كدخول الألف في أفعل وكذلك المغاث

والمعاش‏.‏

وكذلك مفعل تجري مجرى يفعل وذلك قولك‏:‏ المبيض والميسر‏.‏

وكذلك مفعلةٌ تجري مجرى يفعل وذلك‏:‏ المعونة والمشورة والمثوبة يدلك على أنها ليست

بمفعولة أن المصدر لا يكون مفعولة‏.‏

وأما مفعلة من بنات الياء فإنما تجيء على مثال مفعلةٍ لأنك إذا أسكنت الياء جعلت الفاء

تابعةً كما فعلت ذلك في مفعول ولا تجعلها بمنزلة فعلت في الفعل وإنما جعلناها في فعلت يفعل

تابعةً لما قبلها في القياس غير متبعتها الضمة كما أن فعلت تفعل في الواو وإذا سكنت لم

تتبعها الكسرة وإنما هذا كقولهم‏:‏ رمو الرجل في الفعل فيتبعون الواو ما قبلها ولا يفعلون ذلك في

فعل لو كان اسماً فمعيشةٌ يصلح أن تكون مفعلةً ومفعلةً‏.‏

وأما مفعل منهما فهو على يفعل وذلك قولهم‏:‏ مقامٌ ومباعٌ إذا أردت منهما مثل مخدع

وكمسعط يجري من الواو كأفعل من الأمر قبل أن يدركه الحذف وهو قولك‏:‏ مزورٌ ومقولٌ

يجري مجرى مفعلةٍ منها إلا أنك تضم الأول وذلك قولك‏:‏ مبيعةٌ‏.‏

وقد قال قوم في مفعلةٍ فجاءوا بها على الأصل وذلك قول بعضهم‏:‏ إن الفكاهة لمقودةٌ إلى

الأذى‏.‏

وهذا ليس بمطرد كما أن أجودت ليس بمطرد‏.‏

وقد جاء في الاسم مشتقاً للعلامة لا لمعنى سوى ذا على الأصل وذلك نحو‏:‏ مكوزةً

ومزيد‏.‏

وإنا جاء هذا كما جاء تهلل حيث كان اسماً وكما قالوا حيوة وشبهوا هذا بمورقٍ

وموهبٍ حيث أجروه على الأصل إذ كان مشتقاً للعلامة‏.‏

وليس هذا بمطرد في مزيد ومكوزة

كما أن تهلل وحيوة ليس بمطرد‏.‏

وليس مزيدٌ ومكوزة بأشد من لزومهم استحوذ وأغيلت‏.‏

وقالوا‏:‏ محببٌ حيث كان اسماً ألزموه الأصل كمورق‏.‏

ويتم أفعل اسماً وذلك قولك‏:‏ هو أقول الناس وأبيع الناس وأقول منك وأبيع منك‏.‏

وإنما أتموا

ليفصلوا بينه وبين الفعل المتصرف نحو أقال وأقام ويتم في قولك‏:‏ ما أقوله وأبيعه لأن معناه معنى

أفعل منك وأفعل الناس لأنك تفضله على من لم يجاوز أن لزمه قائلٌ وبائع كما فضلت الأول

على غيره وعلى الناس‏.‏

وهو بعد نحو الاسم لا يتصرف تصرفه ولا يقوى قوته‏.‏

فأرادوا أن

يفرقوا بين هذا وبين الفعل المتصرف نحو أقال وأقام وكذلك أفعل به لأن معناه معنى ما أفعله

وذلك قولك‏:‏ أقول به وأبيع به‏.‏

ويتم في أفعلٍ لأنهما اسمان فرقوا بينهما وبين أفعل من الفعل ولو أردت مثل أصبعٍ من قلت

فأما أفعلٌ فنحو‏:‏ أدروٍ وأسوقٍ وأثوبٍ وبعض العرب يهمز لوقوع الضمة في الواو لأنها إذا

انضمت خفيت الضمة فيها كما تخفى الكسرة في الياء‏.‏

وأما أفعلةٌ فنحو‏:‏ أخونةٍ وأسورةٍ وأجوزةٍ وأحورةٍ وأعينةٍ‏.‏

ولا تهمز أفعلٌ من بنات الياء لأن الضمة فيها أخف عليهم كما أن الياء وبعدها الواو أخف

عليهم من الواو‏.‏

وقد بين ذلك وسيبين إن شاء الله وذلك نحو‏:‏ أعينٍ وأنيبٍ‏.‏

وأما نظير إصبعٍ منها فإقولٌ وإبيعٌ وإن أردت مثال إثمدٍ قلت إبيعٌ وإقولٌ لئلا يكون كأفعلٍ منهما

فعلاً وإفعل قبل أن يدركهما الحذف والسكون للجزم‏.‏

وإن أردت منهما مثال أبلم قلت أبيعٌ وأقولٌ لئلا يكونا كأفعل منهما في الفعل قبل أن يحذف

ساكناً عن الأصل‏.‏

غير أنك إن شئت همزة أفعلاً من قلت كما همرت أدؤراً‏.‏

ولم نذكر أفعل لأنه ليس في الكلام أفعل اسماً ولا صفة وكان الإتمام لازماً لهذا مع ما ذكرنا

إذ كان يتم في أجود ونحوه‏.‏

ويتم تفعلٌ اسماً وتفعلٌ منهما ليفرق بينهما وبين تفعل وتفعل في الفعل كما فعلت ذلك في أفعل

وذلك قولك تقول وتبيع وتقول وتبيع‏.‏

وكذلك إذا أردت مثال تنضب تقول تقول وتبيع لتفرق بينهما وبين تفعل فعلاً كما أنك إذا

أردت مثال تتفلٍ وترتبٍ أتممت وإذا أردت مثل تنهية وتوصيةٍ تتم ذلك كما أتممت أفعلةً

ليفرق بينه اسماً وفعلاً وذلك قولك‏:‏ تقولةٌ وتبيعةٌ وإن شئت همزت تفعلٌ من قلت وأفعلٌ

كما همزة أفعلٌ وإنما قلت تقولةٌ وتبيعةٌ لتفرق بين هذا وبين تفعل يدلك على أن هذا يجري

مجرى ما أوله الهمزة مما ذكرنا قول العرب في تفعلةٍ من دار يدور‏:‏ تدورةٌ قال الشاعر‏:‏

بتنا بتدورةٍ يضيء وجوهنا ** دسم السليط على فتيل ذبال

والتتوبة تريد التوبة‏.‏

وإنما منعنا أن نذكر هذه الأمثلة فيما أوله ياء أنها ليست في الأسماء والصفة إلا في يفعل ولم

تجر هذه الأسماء مجرى ما جاء على مثال الفعل وأوله ميم لأن الأفعال لا تكون زيادتها التي

في أوائلها ميماًن فمن ثم لم يحتاجوا إلى التفرقة‏.‏

وأما تفعلٌ مثل التتفل فإنه لا يكون فعلاًن فهو بمنزلة ما جاء على مثال الفعل ولا يكون فعلاً مما

أوله الميم‏.‏

فإذا أردت تفعل منهما فإنك تقول تقولٌ وتبيعٌ كما فعلت ذلك في مفعل لأنه على

مثال الفعل ولا يكون فعلاً‏.‏

وكذلك تفعل نحو التحلىء يجري مجرى افعل كما أجري تفعل

مجرى افعل فأجري هذا مجرى ما أوله الميم‏.‏

فالتفعل مثل التحلىء ومثاله منهما تقيلٌ وتبيعٌ‏.‏

وإنما تشبه الأسماء بأفعل وإفعل ليس بينهما إلا إسكان متحرك وتحريك مسكن ويفرق بينه

وبينهما إذا كانتا مسكنتين على الأصل قبل أن يدركهما الحذف لا على ما استعمل في الكلام

ولا على الأصل قبل الإسكان ولكنهما إذا كانتا بمنزلة أقام واقال ليس فيهما إلا إسكان

متحرك وتحريك ساكن‏.‏